{قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)}لما رأى ذلك الأمر العجيب الهائل ملكه من الفزع والنفاز ما يملك البشر عند الأهوال والمخاوف وعن ابن عباس: انقلبت ثعباناً ذكراً يبتلع الصخر والشجر، فلما رآه يبتلع كل شيء خاف ونفر.وعن بعضهم: إنما خافها لأنه عرف ما لقي آدم منها. وقيل: لما قال له ربه: {لاَ تَخَفْ} بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحيها. {سِيرَتَهَا} السيرة: من السير، كالركبة من الركوب. يقال: سار فلان سيرة حسنة، ثم اتسع فيها فنقلت إلى معنى المذهب والطريقة، وقيل: سير الأوّلين، فيجوز أن ينتصب على الظرف، أي: سنعيدها في طريقتها الأولى، أي: في حال ما كانت عصا، وأن يكون (أعاد) منقولاً من (عاده) بمعنى عاد إليه. ومنه بيت زهير:وَعَادَكَ أَنْ تُلاَقِيَهَا عِدَاءً ***فيتعدى إلى مفعولين. ووجه ثالث حسن: وهو أن يكون {سَنُعِيدُهَا} مستقلاً بنفسه غير متعلق بسيرتها، بمعنى أنها أنشئت أوّل ما أنشئت عصا، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أوّلاً. ونصب سيرتها بفعل مضمر، أي: تسير سيرتها الأولى: يعني سنعيدها سائرة سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها.